بعد عروض موسيقية حملت الجمهور إلى عوالم مختلفة كان الجاز بتلويناته المختلفة عنوانا لها وبوابة لتخطي حواجز المكان والزمان، اختتم مهرجان سيكا جاز دورته السابعة بعرض 24 عطرا للفنان التونسي محمد علي كمون في تصور خاص بجهة الكاف (شمال غرب تونس).
وأسدل الستار، مساء أمس الأحد 20 مارس/ آذار، على المهرجان الذي قاوم كل الظروف الصعبة ليستمرّ في الإشعاع خارج تونس، إذ وجدت مدينة الكاف مكانا لها ضمن مدن الجاز في العالم، وهي التي استضافت أسماء ومجموعات موسيقية تركت بصمتها في عالم الجاز والبلوز.
الدورة الأخيرة حملت بين ثناياها العديد من المفاتيح التي جعلت من سيكا جاز مهرجانا ذا خصوصية منفردة في تونس والعالم العربي، على غرار الجمهور الاستثنائي للمهرجان الذي تحدّى برودة الطقس والأمطار وأقبل على المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف بكثافة وشغف.
من بين المفاتيح الأخرى، الديناميكية والحركية التي خلقها هذا المهرجان في مدينة الكاف طيلة أيامه الستة (من 15 إلى 20 مارس) ليتمكن من التوغل في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمدينة الجبلية، ويجعل من نفسه حدثا ينتظره أهالي الشمال الغربي خاصة وتونس بشكل عام.
والانفتاح على الفضاءات الثقافية في مدينة الكاف، صنع هو الآخر الفارق في هذه الدورة، من خلال التعاون مع المركز الثقافي الهادي الزغلامي براس العين الذي احتضن عروض الخشبة الحرة المفتوحة للعموم والتي راوحت فيه الموسيقى بين ألوان الصوفية والجاز واللاتينو والروك وموسيقات العالم.
وعبر هذه الخطوة اتخذ مهرجان سيكا جاز بعدا شعبيا من خلال انفتاحه على محيطه وقربه من الجمهور في مدينة الكاف في محاولة لتعويد الآذان على موسيقات مختلفة من العالم وخلق جمهور أوسع للمهرجان الذي صار تقليدا لا غنى عنه في الكاف.
وبعيدا عن البرمجة التي لبّت أذواقا مختلفة لمحبي الجاز وحضرت فيها عروض تمتدّ من الجاز الكلاسيكي إلى الجاز الموشح بالبلوز والفانك والإلكترو وغيرها من التلوينات الموسيقية الأخرى، قام سيكا جاز في نسخته السابعة على فكرة الترويج للمعالم الأثرية بالكاف من خلال جلسات التصوير التي وفّرها للفنانين العالميين الذين حلوا بتونس.
السويسري من أصول تونسية منصف جنود والأمريكي بوني فيلدز والمغربي مهدي ناسولي والجزائري كريم زياد والفرنسي غيوم بيري ومجموعتا باب البلوز المغربية ووندر كولكتيف (وُوكو) الفرنسية لم يحضروا إلى مدينة الكاف ليقدّموا رؤيتهم الفنية للجمهور، بل كانوا جزءا من فلسفة المهرجان القائمة على جعل الكاف وجهة ثقافية وفنية وسياحة قارة في قادم الدورات.
وفكرة الترويج للأماكن الأثرية والطبيعية انطلقت في الدورة السادسة لمهرجان سيكا جاز بمسمى “سيكا جاز لايف فاكتوري”، وهو تصوّر استثنائي للمهرجان فرضته جائحة كورونا، إذ عمد القائمون على المهرجان إلى عرض برمجتهم عبر تقنية البث المباشر، “أونلاين”.
ورغم انجلاء الجائحة بشكل تدريجي ونسبي أحيانا، إلاّ أن المهرجان استمر في فكرة الترويج للمواقع الأثرية والطبيعية في كامل محافظة الكاف إيمانا منه بالتقاطع بين الثقافي والسياحي وترسيخا للقطع مع اللامركزية.
وفي شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، يجدّد المهرجان العهد مع “سيكا جاز لايف فاكتوري” في مناسبة ثانية تنفتح فيها العروض على جهات مختلفة من محافظة الكاف.